بقلم/احمد زايد
نعمة البصر من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، وهي وإن كانت نعمة في ذاتها فإنها ربما أوردت صاحبها المهالك إذا أطلقها في غير ما أحل الله. وهى من أعظم النعم إذا استخدمها العبد في طاعة الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان خلاف ذلك، فإنها تكون سببا للحسرة في الدنيا، والعذاب في الآخرة، فإن الله سبحانه وتعالى إذا حرم أمراً فامتنع العبد عنه، فلابد أن يأتيه الله تعالى بخير منه؛ ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه ).
ويُعتبر غض البصر اليوم من أشد الأمور التي تحتاج للكثير من الورع والتقوى نظراً لتفشي أشكال المحرمات حول الإنسان في كل مكان . وفي زماننا الراهن كثر السقوط في الحرام من وراء النظرات الخائنة, فوجب التحذير منها درءا للوقوع في الذنوب والمعاصي صغيرها وكبيرها, ولذلك قال الله تعالي" قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"النور (30).
والأمر هنا بغض البصر هو لكل من المؤمنين والمؤمنات علي حد سواء, فكلاهما مطالب بغض بصره عن كل ما لا يحل له, ومطالب بصون عفافه عن محارم الله, ومنها الأعراض وكل ما يخدشها من علاقات غير مشروعة بين الجنسين. و غض البصر بأن يطرق الإنسان ببصره نحو الأرض أو يحوّله إلى جهةٍ أخرى عندما يقع بصره على شيء حرّم الله النظر إليه فإذا استطاع المؤمن أن يُسيطر على عينيه اللتين في رأسه فُتحت عيناه التي في قلبه وشاهد جلال ربه وتجلت له عظمته، فشعّت أنوار البصيرة في وجوده. فهل نُضحي بالنظر الى خالق الجمال من أجل النظر إلى جمال زائل بالي؟ كن على يقين ان غضّ البصر ينتج عنه العديد من الثمرات والأفضال مثل سلامة القلب وتخليصه من الشوائب والمفاسد -مخالفة هوى النفس والشهوات بعدم النظر إلى ما حرّم الله -تعالى غفران ذنوب العباد وإبدالها بالحسنات، ودخولهم جنّات النّعيم.
عزيزي القارئ: أين أنت من الثواب العظيم من ربنا الكريم إذا صرفت بصرك وأطعت ربك فأبشر بوعد من ربك" وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" (النازعات40-41). فمتع نظرك بقراءة القرآن وأطلق بصرك ليرى عظمة الرحمن وتفكر في صنعة ربنا الديان، لتزيد من حسناتك، ويكفر الله عنك سيئاتك، واغضض بصرك عما حرم الله، تهنأ نفسك وتؤجر على عملك وتجد حلاوة ذلك في قلبك كان رسول الله ﷺ يقول :" اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي ". وفى ختام المقال اليك أبيات عن غض البصر للإمام الشافعى:
كلُّ الحوادثِ مَبــــداهــا منَ النَّظر ... ومُعظَمُ النَّارِ من مُستصغرِ الشَّررِ
كَمْ نظرةٍ فعلتْ في قلبِ صاحبِها ... فِعْلَ السِّــــهامِ بلا قوسٍ ولا وتَـــرِ
والمرءُ ما دامَ ذا عينٍ يُــقـــلِّـــبُها ... في أعينِ الغيدِ موقوفٌ على خَطَرِ
يَسرُّ مُقلتَه مــــا ضـــرَّ مُهجــــتَه ... لا مرحباً بســــرورٍ عـــادَ بالضَّــــررِ
اللهم غض بصري واشغلني بطاعتك عن معصيتك اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دار نشر تحيا مصر 🇪🇬للإبداع. اصدارات الكترونيه