مريض القلب
بقلم الأديبة عبيرصفوت محمود
نَظَرٌ الْمُحَقِّق إلَى الطَّبِيبِ الشَّرْعِيّ متلسن بقلق :
قَطْعًا هُنَاك لُغْز عَلَيْنَا بِهِ .
الطَّبِيب :
كَانَ الرَّجُلُ مَرِيضٌ بِالْقَلْب فضلاً عَنْ عُمَرَ الكهولة .
الْمُحَقِّق :
أُرِي إعَادَة الْكَشْف الطِبْي .
جَلَسَت الْمَرْأَة بِجَسَدِهَا النَّحِيل ، تَبْكِي فِى إطار الْمَوْقِفِ الَّذِي أَفْقَدَهَا زَوْجِهَا ، تسرد اللَّحَظَات الَّتِى جُمِعَت إيَّاهُمَا ، عَند ذَهَابها بَيْت الْعَجُوز وَالْعَمَلِ بِهِ ، إنَّمَا بَات ذَهَاب الفَتَاة بالتنكر مِنْ الْأَبْنَاءِ وَرَفَض وُجُودِهَا وَطَلَبَ الأبناء مِنْ أَبِيهِمْ أن تذهب .
جَزّ الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بإحدي شفاتية قَائِلاً لِلْمُحَقِّق :
يَبْدُو أَنَّ كَلِمَاتِك بِهَا الصَّوَاب ، مَاتَ الرَّجُلُ نَاتِجٌ الِانْفِعَال النَّفْسِيّ ، أُدِّي بِهِ إلَى ضَغَط الْقَلْبِ مِنْ صُعُوبَةٍ الْأَشْيَاء .
الْمُحَقِّق :
تُرِي مَا هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ؟ الَّتِى دَفَعْته إلى التهور ؟
عَكَف الرَّجُلَان :
لَا نَعْلَمُ عَنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ و مَا أَثَارَ أَبِانا حَدّ الْمَوْت .
اسْتَكْمَلَت الْمَرْأَةُ صَغِيرَةً السِّنّ حَدِيثِهَا :
بَعْد خُرُوجِي مِنْ الْبَيْتِ ، أَخَذَنِي الرَّجُل الْكَبِير ، يَطِيب خَاطِرِي ، تَطَوَّرَت الْأَحْدَاث وصولاً إلَى حَدِّ الزَّوَاج .
جَال بنظراتة الحاذقة بَيْن جُدْرَان الْمُحْبَس ، يُحَدِّث أَخِيهِ عَلَى مِحْرَابِ الأمْس الَّذِي كَانَتْ بِهِ الْوَاقِعَة ، شَدَّ عَلَى يَمِينٍ الْأَخ الْأَصْغَر ، يتخاطبان بهمس :
لَمْ يَكُنْ بِأَيْدِينَا امْتِلَاك زِمَامَ الأُمُورِ .
نَعَمْ كَانَ أَبَانَا مَرِيضٌ .
لَمْ يَتَحَمَّلْ قَلْبِه الْعِنَاد .
مَاذَا لَوْ تَمَّ بأقوالنا الْمُوَافَقَةُ عَلَى التَّنَازُلُ عَنْ أَمْلَاكِه .
نَحْن أَوْلَادِه وَلَنَا الْحَقّ فِى ذَلِكَ .
لَكِنَّه مَات قَضَاءٌ وَقَدَرٌ .
لَم نرغمة عَلَى الرَّفْض وَالتَّهَوُّر فِى انفعالاتة .
نَعَمْ لَيْسَ لَنَا ذَنْب .
قَالَ الْمُحَقِّقُ كَلِمَة أُغْلِقَت أَفْوَاه الْحُضُور :
تِلْكَ الْأَدِلَّةِ الَّتِى تَتَحَدّث بِالْإِثْبَات ، أَنْتُم قَتَلَة أَبِيكُم .
هَاج وَمَاج الْأَبْنَاء :
أَبَانَا مَرِيضٌ ، كَانَ شَدِيدَ الِانْفِعَال ، مَا كَانَ عَلَيْنَا بِهِ سُلْطَانٌ ، حِين اِنْفَعَل .
نَظَرٌ الْمُحَقِّق نَحْو مُدَوَّنٌ الْوَاقِعَة قَائِلًا :
مَاتَ الرَّجُلُ الْكَبِير ، نَظِير اِسْتِفْزَازٌ أَبْنَاءه لَهُ حَدٌّ الِانْفِعَال ، بَلْ لَمْ يُرَاعِي الْأَبْنَاء حَالَتِه الْمَرْضِيَّة بِالْقَلْب ، مِمَّا أُخِذَ الأَمْرَ بالإنفعال ، حَتَّى خَارَت قُوَّةُ الرَّجُلِ بَعْدَ الضَّغْط النَّفْسِيُّ الَّذِي انابه ، بَعْدَ أَنْ طَلَبَ أَبْنَاءه مِنْه ، التَّنازُل لَهُمَا عَنْ كُلِّ أَمْلَاكِه .
جَهَر أَحَدٌ الْأَبْنَاء :
لَكِنَّهَا لَيْسَتْ الْحَقِيقَة .
وَقَفْت الْمَرْأَة الصَّغِيرَةَ عن مَجْلِسِهَا تَعْكِس الْوَاقِعَة :
لَمْ يَتَحَدَّثْ الرَّاحِل إلَّا عَنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ الْمُتَكَرِّرَة .
نَظَرٌ الْأَبْنَاء نحو صفيرة السِّنّ بشئ مِن التَّعَجُّب .
اسْتَكْمَل الْمُحَقِّق لتدوين نُصُوص الْوَاقِعَة :
لِذَلِكَ ثَبَتَ مِنْ الْأَمْرِ أَدَانَه الْأَبْنَاء فِى قُتِل أَبَاهُم ، وَعَدَم صلاحياتهم فِى مِيرَاث أَبَاهُم .
صَرَخ الْأَبْنَاء فِى نَبْرَة وَاحِدَة :
كَيْفَ ذَلِكَ أَنَّهُ الشَّرْع .
قَالَ الْمُحَقِّقُ بشئ مِنْ التَّأْكِيدِ وَهُو يُصَوِّب أُصْبُعَه نَحْو الْمَرْأَة الصَّغِيرَة :
الوريثة الوَحِيدَة هِى زَوْجَة أَبَاكُم ، فقد تنازل لها عن كل املاكة .
صُمْت الرَّجُلَان صُمْت الْحَسْرَة والخذل ، تَرَدَّدَت الْكَلِمَات فِى اذُنيهما مثل الريح :
نَعَمْ كَانَ أَبَانَا مَرِيضٌ .
لَمْ يَتَحَمَّلْ قَلْبِه الْعِنَاد .
مَاذَا لَوْ تَمَّ بأقوالنا الْمُوَافَقَةُ عَلَى التَّنَازُلُ عَنْ أَمْلَاكِه .
نَحْن أَوْلَادِه وَلَنَا الْحَقّ فِى ذَلِكَ .
لَكِنَّه مَات قَضَاءٌ وَقَدَرٌ .
لَم نرغمة عَلَى الرَّفْض وَالتَّهَوُّر فِى انفعالاتة .
نَعَمْ لَيْسَ لَنَا ذَنْب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دار نشر تحيا مصر 🇪🇬للإبداع. اصدارات الكترونيه